سيرة ومسيرة لأم عظيمة
موقع بني بكر سبورت
حسين أحمد الكلدي
الاثنين 19ديسمبر2022
سيرة عطرة لأم مثالية عظيمة نذرت حياتها كلها لبناء أسرتها وتحقيق طموحها وأحلامها في انجاح الأهداف السامية التي رسمتها إنها أمي التي لم أستطيع أن اكتب عن سيرتها ومسيرتها في الكفاح طيلة الوقت الماضي فقد ترددت كثيراً عن ذلك خوفي أن أعجز من أستحضار ذاكرتي لذلك وكلما دلفت للكتابة عنها لا أستطيع من أين أبدأ بسيرة أمراءه عظيمة مثلها وخوفاً أن لا اعطيها حقها فيما هي تستحقه وأن لا أستطيع أظهار مناقبها النادرة التي تحلت بها طيلة حياتها.
الأسم: نور بنت سالم ناصر بن جبران بن حوتب، من مواليد عام 1934م ولدت في منطقة رخمة قرية الكور (كور بن حوتب) يافع رصُد محافظة أبين لها من الأبناء أربعة أبناء ثلاثة أولاد وبنت.
أمي هي المرأة الحديدية التي واجهت كل الظروف بكل جدارة وتفوقت في تحطيم الصعاب في طريقة الأنجاز العظيم بمسيرتها.
كان العام 1965م هو عام استثنائي على أسرتنا الصغيرة عندما عاد والذي من الشمال اليمني أثناء قيام الثورة 1963م وأزاحة الأمامة في ذلك الوقت عاد ضمن مجموعة من شباب قريتنا اللذين ذهبوا للنضال هناك لكنه كان متأثراً بمرض أصيب به وحاول عند عودته أن يتعالج بالادويةالشعبية المتاحة في ذلك الوقت ولكن دون جدوى وسافر إلى عدن مباشرة لكنه عاد بعد فترة قصيرة جداً دون أن يحصل على نتيجة وكان ذلك في نهاية العام 65م ولم يستمر طويلاً حيث وافته المنية مباشرة بعد عيد الأضحى من نفس العام.
وكانت المفاجأة بالنسبة للأسرة عامة وأمي وعمتي خاصة كانت مفزعة جداً لآن أعمارنا في ذلك الوقت لاتتراوح بين 7 سنوات إلى 4 شهور نحن لا ندرك ماهي الظروف التي تواجهنا بعد ممات والذي لكن أمي وعمتي الله يرحمهم وهي أخت والدي الكبيرة يدركون ذلك جيداً وأنت تصور كيف يكون الوضع صعباً للغاية؟! في فقدان رب الأسرة ومعيلها وقايدها الوحيد في هذه الحالة، وكيف تتحول الأمور من أسرة مستقرة إلى وضع يتطلب إعادة البناء وإعادة تكوين فكر والدتي لنفسها وترتيب وضعها حتى تستوعب بشكل تام ماتقوم به بعد رحيل والدي فهو العمود الفقري الذي تعتمد عليه وتستمد منه قوتها وعملية التحول للحياة الجديدة يتطلب قوة كبيرة لاجراء تغييرات جذرية مؤثرة حتى تكون أمي الله يرحمها شخصية قادرة على اجتياز المرحلة وكانت والدتي تفتقر في بداية حياتها إلى المهارة في قيادة الأسرة لتلك المرحلة الدقيقة نتيجة صغر سنها اللذي لايتجاوز24عام وسبب قلة خبرتها لاعتمادها على والدي الله يرحمه في السابق.
ولكن قامت والدتي الرائعة الله يرحمها ويسكنها فسيح جناته بالأعداد الكامل وأتخذت القرار المصيري الصعب الذي تسير عليه طيلة حياتها المستقبلية للحفاظ على مستقبل أسرتنا الصغيرة حيث كانت قريتنا صغيرة جداً ويعيش الناس بها على زراعة الأرض ورعي الأغنام والأبقار وكان جدي أخو والدها الله يرحمه يزورنا بين الحين والآخر ليتلمس حالنا ووضعنا ونحن نذهب إليه مع والدتي في المناسبات العامة وكانت شخصيتها هادئة متواضعة قوية وإيمانها قوي وأكبر مما كان يتصوره الرجال عن النساء.
حيث أظهرت التحدي وقوة فولاذية من الصبر والتحمل للمسئولية ومن أول وهلة عزمت على التخطيط والقيادة لمستقبل الأسرة وكان أول خطوة أتخذتها هي الأهتمام بحراثة الأرض واعتمادها على نفسها وتوزيع المهام الآخرى للأسرة جميعاً وأدركت النقاط المهمة للأعتماد على النفس فهي تقوم بحرث الأرض ونحن وعمتي نساعدها في الرعي للاغنام وكان الأهتمام الأول في الأعتماد على تربية الأغنام والأبقار والزراعة وكان محصول الحبوب والبُن والمحاصيل الاخرى ناجحاً جداً وهي الوسيلة التي جعلتها قوية وتعتمد على نفسها حيث كانت تجارة الأغنام وتربيتها من أولوياتها وكان توجهنا في شراء الأغنام وبيعها جزء من اكتساب الدخل الهام للاسرة وادركت منذُ البداية إنه يجب أن نواجه كل الاحباطات والتعامل معها بشكل أكثر فاعلية بدلاً من التذمر والشكوى وحتى إن لم يكن بالشكل المطلوب لها.
رحمها الله كانت أماً عظيمة وبفضل كل هذا الكفاح كان النجاح الذي حققته هو بفضل المبادىء التي أتبعتها ففعلت كل ما أرادت القيام به وعندما تحررت البلاد من الأستعمار وأنتهت القبلية فتحت المدارس وأرسلتنا جميعاً للدراسة وتحملت مشقة التكلفة التي يتوجب عليها توفيرها لأربعة طلاب في آناً وأحد في الوقت الذي يصعب فيه بعض الرجال لاداء هذه المهمة وأنا لا أقول أن كل الناس لديهم التحديات نفسها.
حيث لاقت نساء كثيرة في منطقتنا نفس التحديات لكنها كانت هي في القمة وكانت تحثنا أثناء تربيتها لنا دوماً على الأخلاق والصدق والآمانة والأعتماد على النفس وهكذا وأصلنا الأستمرار في المدارس وتحقيق النجاح في التعليم باستمرار حيث كنا نموذجيين في التميز طيلة مراحل الدراسة وفي الجوانب الآخرى كانت تشجعنا على القيادة والتوجه للعمل وتحثنا على ذلك طيلة الوقت، صحيح هي لم تكن متعلمة لكنها كانت تتمتع بطاقة ابداعية وبمعنويات عالية طيلة الوقت وتقديراً لها نالت التكريم من مجلس الآباء في منطقتنا ونالت شهادة الآم المثالية نتيجة تميزنا وتفوقنا في المدرسة وتفوقها وقدرتها في تعليمنا وادائها الفريد في التربية وقيادة الآسرة بالامكانات المتاحة البسيطة المتوفرة التي تمتلكها.
وكانت تلتزم بالمثل العليا واعلى مستويات الأداء والالتزام بالنزاهة والنبل طيلة حياتها وهي من الأشخاص اللذين يتمتعون بالصبر والحزم في إتخاذ القرار والأعتزاز بالنفس وكان تعاملها يتسم بالصدق والوفاء ومن الأمثلة على ذلك عندما تاخذ دين من أصحاب الدكاكين الصغيرة بمنطقتنا كانت تعمل بكل جهد للوفاء بما استدانته بالوقت المحدد.
وكان تعاملها معنا في المنزل مختلف جداً عنه خارج المنزل فداخل المنزل كانت حنونة ودودة لينة عطوفة بتعاملها توجهنا بلطف وتلهمنا للمستقبل بالقول أنتم رجال انطلقوا كانت تحثنا بالنظر إلى مايحققه الناجحين أنا أعرف أن هذا كلاماً بديهياً أقوله ولكن عندما كنت أقابل كثير من الرجال الناجحين بمنطقتنا كنت أستمع واشارك بقدر ما كنت استطيع المشاركة فيه اتمنى أن تنال استحسانكم ورضاكم وإلى حلقة آخرى من السيرة العطرة.
إرسال تعليق